زرين تاج , قرة العين , الطاهرة ( 2 )

  

لماذا اهتم الكثير بالكتابة الرخيصة عن حضر الطاهرة ؟ فلو اطلعت على كتاباتهم لوليت فرارا

 

ولولا أنها امرأة ذات شأن لما كتب عنها أحد، فالمرء عندما يكون من سقط المتاع لا يهتم به أحد، ولن يستأذن اذا حضر ولا يفتقد اذا غاب .

إن في الأمر لسر غامض، وإلا لما كان كل هذا التحامل على شخصيتها كامرأة

 

لا بد أنها امتلكت ما أخاف الكثير من أصحاب المصالح من المتمسكين بسكونية المجتمع ومن المحتقرين لعقلية البشر، فمصالحهم اقتضت ذلك.

فمن هي قرّة العين أو

 

(الطاهرة)، وكيف استطاعت أن تقتحم التاريخ؟ أليست مثل هذه الشخصية جديرة بالتحقيق والدراسة؟

كانت طفلة ذكية جداً، وكانت متشوقة جداً للمعرفة والعلم، وتحفظ دروسها التي كان والدها يعلمها إياها بسرعة، حيث كان من أكبر العلماء والمجتهدين في إيران، وفي النهاية أدرك والدها أن ما يخصصه من وقت لتعليم ابنته ليس بالوقت الكافي لها، لذلك قرر تعيين معلم خاص لها. كان ذلك شيئاً غير عادي بالنسبة للبنات في ذلك الوقت، فلم يكن لهن حظاً من الثقافة آنذاك. وقد فاقت أخوتها في تقدمها واجتهادها، واجتازت فيما بعد اختبارات صعبة في دراسة العلوم الدينية. كان القليل من الرجال في زمانها يعرفون معاني القرآن والحديث والقوانين الإسلامية مثلما كانت تعرف هي. وبسبب كونها امرأة، حجبوا عنها درجة الاجتهاد (مجتهد) التي استحقتها بجدارة بعد دراسة لعدة سنوات بصحبة زوجها. وكان والدها يردد بحسرة دائماً: “من المؤسف أنها لم تولد ذكراً. وإلا لكانت قد احتلت مكانتي بين علماء الإمبراطورية المشهورين“. زُوجت الطاهرة إلى ابن عمها الملاّ محمد ابن الملاّ تقي عندما كانت صغيرة السن تماما، ويقول بعض المؤرخون، أنها كانت في الثالثة عشر من عمرها وقت زواجها. عاشت معظم حياتها في بيت أبيها حتى بعد زواجها وكانت مع والدتها دائما حتى بدأت أسفارها. كانت الطاهرة منذ نعومة أظفارها شغوفة بدراسة علوم الدين،  وقف ضدها الجميع من أهلها وأولهم والدها وأيضآ زوجها وأولادها الجميع وقف ضد ما كانت تؤمن به من أفكار وإعجاب لكتابات السيد كاظم الرشتى ولم تلتفت بالآ الى الأعتراضات ودوامت على قرأتها للسيد كاظم وحين سمحت لها الظروف توجهت الى كربلاء آملآ فى لقائه ولكن مع الأسف قد وصلت كربلاء بعد وفاته بعشرة أيام ولكنها أجتمعت بتلاميذه وقضت معظم أوقاتها فى التضرع والعبادة فى انتظهر الموعود الذى أخبر عنه السيد كاظم. 

 

فكيف بامرأة مثل هذه نشأت في عائلة متدينة، درست علوم الدين وحفظت الكثيرواستمعت الى محاضرات أبيها الدينية والفقهية من وراء ستار، وجمعت الى كل ذلك ذكاء حاداً يرفض قبول الأشياء كما تقال، ووجدت في نفسها قدرة على التعبير عن صواب رأيها وتسجيل ملاحظاتها , لكن العيب أو المعوق، إنها كانت إمرأة , فكان من التقاليد والأعراف وقتها هو ان يتولى الرجل القيادة فكان من المدهش ان تظهر إمرأة ذو قوة وتقوم بما يقوم به الرجال من قيادة .

من خلال هذا يمكن القول ان هذه المرأة سليلة بيت أظله الفكر الإسلامي وسادت أوقاته ولياليه المناقشات الدينية والعلمية والفلسفية، مما أكسبها خلفية فكرية واسعة في الدين ولأنها كانت شابة خارقة الذكاء، فقد نبغت وفاقت جميع أهل مدينتها حتى رجال الدين فيها، وخلال دراستها أمور الدين مع زوجها في كربلاء، فاقت جميع الطلاب المشاركين معها وتفوقت عليهم، إلا انهم منعوا عنها درجة الاجتهاد لاقتصار مثل هذه الدرجة على الرجال فقط .

رغبت هذه الطاهرة أن فى الحقيقة إن تكون أول امرأة تخدم هذا الأمر عند ظهوره. لم يدرك أحد مثلها وضع إيران المزري وكم كانت حقوق المرأة مسلوبة بسبب التعصب الشديد السائد في إيران. ذات مرة قالت لعمها الملاّ علي: “آه.. متى يأتي ذلك اليوم الذي تنزل فيه قوانين جديدة على الأرض! إنني سأكون أول من يتبع تلك التعاليم الجديدة وسأفدي نفسي من أجل بنات جنسي!” وبفضل هذا الحماس أصبحت الطاهرة أول امرأة آمنت بالدين الجديد . العالم لا يعرف شيئاً يذكر عن النساء العظيمات اللائي اشتهرن في إيران ممن حصلن على تعليمهن وثقافتهن الجزئية نتيجة مخالطتهن للطاهرة في كربلاء والسفر معها فيما بعد إلى المدن الأخرى , وكيف أن حياتها أثرت في النساء والرجال في كل أنحاء العالم. و كيف أن قصائدها يلتمسها الشعراء في كل بلد، وأيضاً أن هناك من البهائيين من يتخذ حياة الطاهرة مثالاً سامياً يبتغي الوصول إليه، مع أن الفترة كانت أقل من تسع سنوات، من وقت أول سماعها عن ظهور الباب إلى زمن شهادتها , إلا أن حياتها الرائعة بقيت منذ ذلك الحين تبدو لنا في كل يوم مثلمعلم حيّ“.

ولنا ان نتصورواحدة من أجمل شابات إيران، عبقرية، شاعرة، أعلم علماء عصرها في القرآن والحديث، تصورها ابنة عائلة ضليعة في أمور الدين والفقه والأدب، وابنة أعظم وأعلى مجتهد ديني في المقاطعة، غنية جداً، تتمتع بمكانة اجتماعية رفيعة، تعيش في قصر فخم جداً، متميزة بين رفيقاتها الشابات بشجاعتها غير المحدودةتصورماذا يعني هذا بالنسبة لامرأة شابة مثلها ما زالت في العشرينات، لتقف كأول امرأة حواريّة لرسول .

 

 

 

كيف لامرأة مخلوقة ضعيفة جداً في إيران، وبالتحديد في مدينة قزوين، حيث يحتل رجال الدين مثل ذلك النفوذ القوي، ويمتلكون القدرة على جلب اهتمام رجال الحكومة والمواطنين بسبب كثرة عددهم وأهميتهم وقوتهم، كيف تتمكن امرأة في مثل هذا البلد ومثل هذه المقاطعة وتحت مثل تلك الظروف القاسية، من القيام على أمر كهذا؟ لهذه المرأة الإيرانية الشابة قوة عميقة جداً، وتعرف هذه المَلَكَة بالبصيرة الثانية. ونلاحظ دائماً في التاريخ أن أولياء الله قادرين على التنبؤ بمستقبل الأحداث! ، ولنا ان نتسآل هل كانت الطاهرة لمّاحة بما فيه الكفاية لتقول:- “يا إلهي.. أهب حياتي لتثبيت هذا الدين بين البشر“. وهل كانت بحاجة أيضاً لتتدرب على الاشتياق إلى تقديم حياتها كشهيدة لخدمة هذا الظهور العالمي الجديد؟ من المؤكد إننا نعلم إنها في أول انبهارها الروحاني المتألق، شعرت بمسؤولية كبيرة كونها واحدة من أتباع الباب. فلقد كتبت في إحدى قصائدها الأولى: “شاهدت على بوابة قلبي أثر وخيام فاجعتي!”نعم إنها كانت تعلم مسبقاً بواقعة استشهادها، وقدمت استقبالاً رائعاً له. ومن خلال هذا النور يمكن للمرء أن يفهم روحانيتها الطاهرة وشجاعتها المقدامة ليس فقط تجاه الخطر المحدق بحياتها بل لكونها أول امرأة في العالم الإسلامي الشرقي تجرأت على رفع النقاب عن وجهها خلال فترة قصيرة، والى امتلاكها الشجاعة الكافية للذهاب إلى مؤتمربدشتللتشاور مع مجموعة من الرجال من أتباع حضرة الباب. فعلى أكتاف الباب النحيلة القوية الطاهرة وعلى أكتاف حوارييه القلّة وقعت أعباء مهمة تحطيم الخرافات والعادات القديمة جدا ,وكان لبد أن يحدث كل هذا قبل أن تبنى الحضارة الروحانية الجديدة على أسس متينة. لم يكن قد حدث مثل هذا في مختلف مراحل تطور الديانات السابقة منذ الأزل .

ولحديثنا بقية عن هذه المرأة العظيم

 

 

رأي واحد حول “زرين تاج , قرة العين , الطاهرة ( 2 )

  1. ان قرة العين اثبتت انها اشجع امراة فى التاريخ الحديث فقد قادت ثورة فكرية لتحرير المراة مما اغضب الرجال وكالعادة كان المقابل طعن شرفها ولم يثبتوا ذلك وقد استمرت على مسيرتها الكثيرات ومازالت النساء تجاهد فى جميع انحاء العالم

اترك رداً على Smile Rose إلغاء الرد